تأتي زيارة السوداني إلى لندن بعد أيام فقط من جولة شملت طهران وقبلها الرياض وعمان
فقار فاضل
الإثنين 13 كانون الثاني 2025
بغداد | أكدت مصادر عراقية مطّلعة أن مبعوث الرئيس الأميركي المنتخب لشؤون الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، سيزور بغداد قريباً، حاملاً رسالة إلى رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، تتعلّق بالرؤية الأميركية الجديدة حول المنطقة ومنها العراق، فيما يستكمل الأخير جولاته التي شملت دولاً عديدة في المنطقة والعالم، بزيارة بريطانيا اليوم. وكشفت المصادر، لـ»الأخبار»، أنه منذ «فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية، تبادل مساعدوه مع بغداد رسائل عديدة، منها ما يتعلّق بسياسته في التعامل مع العراق وخاصة مسألة النفوذ الإيراني والفصائل المسلحة الموالية لطهران، فضلاً عن تلويحه بفرض عقوبات على النفط والاقتصاد العراقيَّين في حال استمرار عمليات غسل الأموال وتهريب الدولار والنفط والتعاقد مع إيران مجدداً في ملف الغاز». ولمّحت المصادر إلى أن السوداني بحث مع المرشد الإيراني، آية الله علي الخامنئي، والرئيس مسعود بزشيكان، في زيارته الأخيرة لطهران، تأثير سياسة ترامب المتوقّعة على مستقبل العراق، ولا سيما أن الرئيس الأميركي المنتخب «لديه برنامج كامل يهدف إلى قطع أرجل ما يصفه بالأخطبوط الإيراني الممتد من العراق، وإلى سوريا (سابقاً)، ولبنان واليمن».
وفي السياق نفسه، يلفت القيادي في «الإطار التنسيقي»، حيدر الموسوي، إلى أن السوداني «سعى خلال المرحلة السابقة إلى تبنّي سياسة محايدة وعدم التدخل في مصير الدول الأخرى وشؤونها، فضلاً عن تلقّيه توصية دولية بعدم التدخل في سوريا ودعم حكومة أحمد الشرع». ويرى الموسوي، في حديث إلى «الأخبار»، أن «زيارة السوداني للندن تحمل رسائل عديدة، ومنها أمنية، كون المملكة المتحدة تعدّ عضواً رئيسيّاً ومؤثراً في قوات التحالف الدولي الذي يحارب تنظيم داعش والإرهاب عموماً، بالإضافة إلى مناقشة التطورات في المنطقة، ومنها سوريا التي باتت تشغل جميع دول العالم». ويتابع أن «الحكومة العراقية لديها مخاوف وتحدّيات كبيرة، على مستوى الأمن والضغوط التي تمارس عليها من قبل بعض الدول الكبرى بعد فوز ترامب وما يحمله من سياسة جديدة تجاه العراق». ويشير إلى أن «السوداني سيعمل على إقناع المجتمع الدولي بأنه مستعد لإصلاح الوضع الداخلي سياسياً وأمنياً، وسيقوم بتقنين السلاح المنفلت، وأيضاً سيعمل على تنظيم عمل وآلية الفصائل المسلحة من خلال وسائل عديدة كإيقاف نشاطها أو ربما دمجها مع المؤسسة الأمنية وعزلها عن المؤثرات الخارجية».
السوداني يناقش في لندن اليوم جهود حكومته لحصر السلاح بيد الدولة
وعن زيارة السوداني للندن، أكد مصدر حكومي أنها ستكون ليوم واحد فقط، وأبرز عناوين أجندتها الجانبان الأمني والاقتصادي - الاستثماري، فضلاً عن عقد اتفاقيات تتعلّق بالتسليح والمعدّات العسكرية، مضيفاً، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «الهدف الأساسي من الزيارة هو شرح وجهة نظر العراق من الصراعات الإقليمية الراهنة ومساعي السوداني لوقف التصعيد وسلوك المسار الديبلوماسي لتقريب وجهات النظر بين الدول المتصارعة». وأشار المصدر إلى أن «السوداني سيناقش مع المسؤولين البريطانيين جهود حكومته في الجانب الأمني وحصر السلاح بيد الدولة، ولا سيما أن هناك رغبة دولية في الحد من مظاهر السلاح المنفلت أو الذي تمتلكه جهات خارج السلطات الأمنية».
وتأتي هذه الزيارة بعد أيام فقط من جولة للسوداني شملت طهران وقبلها الرياض وعمان، والتقى خلالها عدداً من المسؤولين الإقليميين بهدف التهدئة وتوحيد الموقف، ولا سيما بعد التحولات التي جرت في سوريا، ومخاطرها على أمن المنطقة واستقرارها، ومن ضمنها العراق. ويوضح عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية، حيدر السلامي، أن زيارة السوداني لبريطانيا كانت مؤجّلة بسبب الظروف التي حدثت في المنطقة، معتبراً أن «تحرّكات الحكومة العراقية مهمة جداً وانعكاساتها إيجابية على السياسة الخارجية للبلاد».
ويبيّن، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «هناك العديد من الملفات الإقليمية التي تحتاج إلى نقاش معمّق وحوار مفتوح مع جميع الأطراف، ولذا يسعى العراق إلى أن يكون طرفاً محايداً في إدارة الأزمات الحالية»، لافتاً إلى أن «التحرّكات الفعالة التي يقوم بها السوداني لها هدفان، الأول داخلي يتعلّق بسيادة البلاد وأمنها، والثاني هو التفاعل إقليمياً ودولياً. وأعتقد أن الحكومة في هذا الملف نجحت في تعزيز مفهوم التهدئة». ويرى السلامي أن «سلسلة الاجتماعات أو الاستضافات التي ترعاها بغداد أو تحرّكات السوداني في الساحتين الدولية والإقليمية هي مؤشر إيجابي إلى أن العراق لا ينحاز إلى طرف، ولا يتحرّك ضمن دائرة التأثير، سواء كان من دول إقليمية أو من أطراف دولية لها ثقل في الشرق الأوسط».